الخميس، 21 يونيو 2012

مستقبل مشرق.. لمرضى الفيروس الكبدي سي

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

القاهرة: د. مدحت خليل ...

أتاح المؤتمر السادس والأربعون للجمعية الأوروبية لدراسة أمراض الكبد (EASL)، الذي عقد مؤخرا خلال الفترة بين 30 مارس (آذار) و3 أبريل (نيسان) هذا العام بالعاصمة الألمانية برلين، الفرصة لأكثر من ستة آلاف طبيب وباحث علمي متخصص في دراسة أمراض الكبد من كافة دول العالم للتعرف على المستجدات البحثية المتعلقة بأمراض الكبد، خاصة الفيروس الكبدي (سي)، الذي يصيب أكثر من 200 مليون شخص على مستوى العالم.وتحت عنوان «مستقبل مشرق ينتظر مرضى فيروس الكبد (سي)» أكدت الكثير من الدراسات التي نوقشت بالمؤتمر نجاح التجارب الإكلينيكية التي أجريت على العقاقير الحديثة ذات التأثير المباشر المضاد للفيروس (Direct Acting Antivirals) في رفع نسبة الاستجابة لبروتوكول العلاج الثنائي المطبق حاليا والمكون من حقن «إنترفيرون ألفا» (PEG – IFN – Alpha) وأقراص «ريبافيرين Ribavirin»، وذلك عند تطبيق بروتوكولات علاج ثلاثية وأخرى رباعية وصلت معها درجة الاستجابة إلى ما يقارب نسبة المائة في المائة. واعتبر الباحثون أن تطبيق هذه البروتوكولات يعد بمثابة آمال جديدة لمرضى فيروس الكبد (سي)، خاصة الذين لم يستجيبوا جزئيا أو كليا لبروتوكول العلاج المطبق حاليا أو المرضى «مثبطات بروتياز مثبطات بروتياز Protease inhibitors» هي مجموعة من العقاقير للعلاج والوقاية من الإصابات الفيروسية مثل فيروس (إيدز HIV) و(فيروس الكبد سي).. وهي تعمل عن طريق تثبيط إنزيم بروتياز، المسؤول عن تجميع البروتينات الفيروسية لتكوين فيروسات جديدة، مما يؤدي إلى تثبيط تكاثر الفيروسات وإيقاف نشاطها بشكل مباشر.
وينتمي إلى تلك العائلة من العقاقير نوعان، هما عقار «بوسيبريفير Bociprevir» وعقار «تيلابريفير Telaprevir». وقد أكدت دراسة نشرت في مجلة «NJM» خلال شهر مارس 2011 أن تطبيق بروتوكول علاج ثلاثي Triple therapy مكون من العلاج الثنائي المطبق حاليا، بالإضافة إلى إحدى مثبطات إنزيم بروتياز، يسهم في رفع نسبة الاستجابة للعلاج بنسبة مرتين إلى ثلاث مرات.
كما أكد تقرير وكالة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) خلال شهر أبريل الماضي على فعالية وأمان استخدام عقار «بوسيبريفير» لمرضى فيروس الكبد «سي»، الذين لم يستجيبوا لبروتوكول العلاج الثنائي المطبق حاليا، مع الأخذ في الاعتبار متابعة الأعراض الجانبية، مثل حدوث الأنيميا والسمية الدموية التي قد تحدث نتيجة تعاطي الدواء.
ومن جانبه أكد البروفسور هاينر فيديمير، سكرتير عام الجمعية الأوروبية لدراسة أمراض الكبد، أن تطبيق بروتوكول العلاج الثلاثي سوف يتم اعتماده خلال نهاية العام الحالي، تمهيدا لاستخدامه على نطاق واسع خلال عام 2012.
* بروتوكول العلاج الرباعي ونوقشت في المؤتمر دراسة مثيرة أكدت فائدة تطبيق بروتوكول العلاج الرباعي Quadruple therapy في معالجة حالات فيروس الكبد (سي)، لإحباط ظهور الطفرات الفيروسية المقاومة للعلاج Resistance variants، ورفع نسبة الاستجابة للعلاج إلى ما يقارب مائة في المائة.
وأجريت الدراسة على 21 مصابا بالسلالة الجينية الأولى من فيروس الكبد سي (HCV – 1)، من بينهم 19 مريضا يحملون البصمة الوراثية IL28B، المسؤولة عن عدم الاستجابة وفشل العلاج.
وأكدت النتائج أن تطبيق برتوكول العلاج الرباعي، المعتمد على الجمع بين العلاج الثنائي المطبق حاليا بالإضافة إلى عقار مثبط لإنزيم بروتيازProtease inhibitor، ومثبط لتكاثر الفيروس Replication complex inhibitor (رقمه الكودي HCV – NS5a) أدى إلى حدوث استجابة مطردة بعد 12 أسبوعا من العلاج بنسبة وصلت إلى مائة في المائة.
وأكد البروفسور هاينر فيديمير أن تطبيق بروتوكول العلاج الرباعي يمثل أملا كبيرا في المستقبل القريب للأعداد المتزايدة من مرضى فيروس الكبدي سي، الذين لا يستجيبون للعلاج كليا أو جزئيا، بالإضافة إلى تضاؤل المشكلات المتعلقة بظهور الطفرات الفيروسية المقاومة للعلاج.
* «إنترفيرون لامبدا» المتفوق كما نوقشت دراسة أخرى خلال المؤتمر أشارت إلى تفوق عقار «إنترفيرون لامبدا PEG – IFN – Lambda» في علاج الفيروسات الكبدية من السلالات الأولى والرابعة HCV – 1&4 على نظيره «إنترفيرون ألفا PEG – IFN – Alpha».. فقد أكدت النتائج أن استخدام «إنترفيرون لامبدا» يؤدي إلى ارتفاع معدلات الاستجابة السريعة Rapid response، والاستجابة المبكرة الكاملةComplete early response، للعلاج بين مرضى البصمة الوراثية IL28B التي تجعل المريض أكثر مقاومة للعلاج، بالإضافة إلى رفع المعاناة عن نحو 20 في المائة من المرضى الذين يضطرون إلى إقلال الجرعة أو إيقاف العلاج نتيجة الأعراض الجانبية لاستخدام «إنترفيرون ألفا».
وأجريت الدراسة على 526 مصابا بفيروسات الكبد سي من السلالات الأولى إلى الرابعة، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تلقت العلاج بأقراص «ريبافيرين» عن طريق الفم وحقن إنترفيرون ألفا (180 ميكــــروغراما تحت الجـــــلد أسبوعيا)، والثانية تلقت العلاج بحقن إنتــــرفيرون لامبدا (180 ميكروغراما تحت الجلد أسبوعيا).
أكدت النتائج أن إعطاء «إنترفيرون لامبدا»، لمرضى السلالات الأولى والرابعــــــة من فيروس الكبد سي، أدى إلى حدوث استجابة سريعة لدى 14.7 في المائة، واستجابة مبكرة كاملة لدى 55.9 في المائة، مقارنة بحدوث استجابة سريعة لدى 5.9 في المائة، واستجابة مبكرة كاملة لدى 33.7 في المائة من الحالات التي تلقت العلاج باستخدام «إنترفيرون ألفا».
أما مرضى السلالات الثانية والثالثة، فقد أدى إعطاء «إنترفيرون لامبدا» إلى حدوث استجابة سريعة لدى 75.9 في المائة، واستجابة مبكرة كاملة لدى 96.6 في المائة، مقارنة بحدوث استجابة سريعة لدى 31 في المائة، واستجابة مبكرة كاملة لدى 86.2 في المائة من الحالات التي تلقت العلاج باستخدام «إنترفيرون ألفا».
وأكد الباحثون أن الاستجابة السريعة والاستجابة المبكرة الكاملة دالات مهمة تشير إلى كفاءة العلاج للتخلص من فيروس الكبد (سي). والاستجابة السريعة (RVR) تعني عدم وجــــــود نشاط للفيروس (Negative PCR) عند الأسبوع الرابع من العلاج، وتستمر هذه الاستجابة حتى نهاية مدة العلاج. أما الاستجابة المبكرة الكاملة (cEVR) فتعني وجود نشاط للفيروس عند الأسبوع الرابع من العلاج، لكنها تصبح سلبية عند الأسبوع الثاني عشر وتستمر هذه الاستجابة حتى نهاية مدة العلاج.
كما أكدت النتائج أن استخدام «إنترفيرون لامبدا» يرتبط بالإقلال من الأعراض الجانبية المصاحبة لاستخدام «إنتــــــــــــرفيرون ألفا»، مثــــل الشعور بأعراض شبيهة بالإنفلونزا وانخفاض عدد كرات الدم وألم العضلات والمفاصل، والتي قد تضطر المريض في بعض الأحيان إلى التوقف المبكر عن العلاج أو إيقاف العلاج كلية.
وأكد الباحثون أن «إنترفيرون لامبدا» له تأثيرات مضادة لفيروس (سي)، من خلال عمله على مستقبلات تختلف عن مستقبلات «إنترفيرون ألفا»، ويأمل الباحثون في إجراء المـــــــزيد من الأبحـــاث لتــــأكيد الاســــــتجابة المستدامة لاســــــتخدام «إنترفيـــــرون لامبــــدا» تمهيدا لاستخدامه بديلا عن «إنـــــــترفيرون ألفا» المســـــــــتخدم حاليا في بروتوكـــــــــولات العــــلاج.
* عقار لإنقاص الكولسترول
* دراسة أخرى نوقشت بالمؤتمر أشارت إلى التأثير المضاد لفيروس الكبد (C) لعقار «فلافستاتين Fluvstatin»، أحد العقاقير المخفضة لارتفاع الكولسترول بالدم.
وأكدت الدراسة أن المرضى الذين يتناولون عقار «فلافستاتين» لمعالجة ارتفاع الكولسترول بالدم، بالإضافة إلى العلاج الثنائي بحقن «إنترفيرون ألفا» وأقراص «ريبافيرين»، ترتفع لديهم نسبة الاستجابة المبكرة والمستدامة مقارنة بالمرضى الذين يتم علاجهم باستخدام «إنترفيرون ألفا» وأقراص «ريبافيرين» فقط.
كما أكد الباحثون إمكانية إضافة عقار «فلافستاتين» إلى بروتوكول العلاج لمرضى فيروس الكبد (سي) الذين لا يعانون مما يعرف بـ«متلازمة الأيض أو التمثيل الغذائي»، لأن ذلك يؤدي أيضا إلى ارتفاع معدلات الاستجابة للبروتوكول العلاجي.
والجدير بالذكر أن متلازمة الأيض (Metabolic syndrome) ترتبط بارتفاع معدلات التليف الكبدي وانخفاض الاستجابة للعلاج بين مرضى فيروس الكبد (سي)، وقد أشارت الكثير من الدراسات إلى تحسن النتائج السريرية للمرضى في حالة السيطرة على زيادة الوزن والتخلص من الدهون المتراكمة بمنطقة البطن والتحكم في ارتفاع الكولسترول والإقلال من التشحم الكبدي المصاحب لمتلازمة الأيض.
* محاذير بروتوكولات العلاج كما ناشدت دراسة أخرى خبراء علاج الكبد ضرورة توخي الحذر عند وصف بروتوكولات العلاج الخاصة بمرضى فيروس الكبد (سي)، للتأكد من عدم حدوث طفرات فيروسية مقاومة للعلاج.. خاصة أن الكثير من الدراسات قد أشارت إلى حدوث تلك الطفرات مع استخدام بعض العقاقير الحديثة.
كما أشارت دراستان إلى اكتشاف فصائل من فيروسات الكبد (سي) مقاومة للعلاج «بمثبطات بروتياز» دون تلقي المرضى علاجا بتلك العقاقير، لذلك أكد الباحثون أن ظهور الطفرات المقاومة للعلاج تعد إحدى المشكلات المهمة التي تواجه هذه العقاقير في المستقبل، ويجب الحذر عند استخدامها لتجنب حدوث طفرات سريعة مقاومة للعلاج، مع احتمال انتقال هذه المناعة العلاجية بين الأشخاص والمرضى بشكل كبير مما يؤدي إلى الإقلال من فعالية العقاقير بصورة دراماتيكية.
وأكد خبراء علاج الكبد في توصيات المؤتمر أن بروتوكول العلاج المعتمد حاليا لمرضى فيروس الكبد (C) يعتمد على الحقن بـ«إنترفيرون ألفا» مع أقراص «ريبافيرين»، لكن نحو 40 إلى 45 في المائة فقط من حالات الإصابة بفيروس الكبد (C) من النوع الأول (HCV – Genotype 1) يصلون إلى الاستجابة المستدامة.. ويأمل الباحثون في مضاعفة هذه النسب باستخدام العقاقير الحديثة التي ما زالت في أطوار الأبحاث الإكلينيكية، مع ضرورة توخي الحذر من ظهور سلالات مقاومة للعلاج نتيجة القدرة الفائقة للفيروس على التغير والتمويه وإفراز طفرات جينية مقاومة للعلاج.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...